مصر - شعب بلا انتماء و بلا ولاء



لكى يتم تفهم ما ارمى اليه في هذه المقالة .. استرشد اولا بالاتحاد السوفيتي السابق رجعا سبب تماسكه في الاساس خلال الخمسين عام من عمره الى القومية الروسية السلافية و اعتماده على امكانيتها البشرية العالية و لم تكن مبادئ الشيوعية هي السبب المباشر لتماسكه خلال تلك الفترة .. نفس الشيء أجده يحدث بالنسبة لإيران ، فبالرغم من تعدد القوميات بها و كثرتها .، الا ان القومية الفارسية (60%) وذكاء ابناءها جعلت من ايران القلب و الأطراف متماسك الى الآن امام الأخطار التي تحيط بها و تماسكها في حقيقة الأمر ليس بسبب الإسلام أو الطائفة أو ولاية الفقيه و لكن كل هذا يأتي لاحقا
نجد نفس الشيء يتكرر في ماليزيا و إندونيسيا و تماسك القوميات بها و احترام العرقية و اختلافها يعتبر السبب المباشر لنهضة الحديثة لديهما و يتكرر نفس الشيء و لكن جزئيا بالنسبة الى تركيا
فشل المشروع الإسلامي في تركيا في "تركنه" الأكراد لديها (30%) و فشلت بالتالي عملية استحضار النزعة الدينة الإسلامية لدى الأكراد حتى تكون مبررا لتذويب القومية الكردية لحساب و لصالح القومية التركية
..
ليس بالدين و استغلاله و استخدام القوة و القهر يتم النهوض بالأمم و لكن بعقول و ذكاء أبناءها و تحررهم .. فقط لا غير
..
الانتماء الى قومية و الى أرض ... هو يُعنى في الأساس الشعور الفردي و الجماعي "بالانتماء" الى تلك الأرض و الى ماضيها و حاضرها و الى تاريخها و الى كل ما فيه من أحداث و هو الشعور بالانتماء الى الآباء و الأجداد التي دفنت في تربتها و التي ارتويت بدمائهم على مدار التاريخ
يأتي بعد هذا "الولاء" و العرفان الى تلك الأرض والامتنان الى أصحابها التاريخين من الآباء و الأجداد
..
هل هناك غالبية من البشر تعيش على أرض مصر تمتلك "الانتماء و الولاء" الى لأرض و التاريخ و الآباء و الأجداد ... أشك في ذلك؟

فيما عدا الأقباط و النوبيين .. يجب ان يتساءل المرء مع نفسه اولا .. هل له جذور داخل هذه التربة و هذه الأرض؟ .. هل له انتماء و ولاء اليها أم هناك انتماءات و ولاءات أخرى بعيدة عنها
ليس بالضرورة ان تعود جذورك الى الفراعنة و الأقباط و النوبيين و لكن الضرورة تحتم عليك الشعور بالولاء و العرفان الى تلك الأرض و الى ماضيها و تاريخها و الاعتزاز به و قبوله و غير ذلك فأنت من هؤلاء الغرباء عنها و عن القومية المتوارثة عليها
..
تتساقط الأن و تنكشف الأوراق و يتم الفرز على الهواء بين المصريون الحقيقيون و هؤلاء المدعون ذلك و المتسترون وراء الجنسية المصرية و سوف تستمر عملية الفرز التلقائية هذه و تمتد و سوف تنكشف ولاءات كل انسان مستقبلا

كل يوم ينكشف أكثر و أكثر ما تم إخفائه عن الشعب طوال السنوات الماضية و ما كان من المحرمات الحديث عنه أصبح الآن يقال في الأعلام ... الإخوان و السلفين يمثلون حوالى 20- 30% و نفس الشيء في الجيش و الشرطة الخارجية و أجهزة المخابرات و تصل الى الضعف في التعليم و الصحة و الأعلام .....الخ
..
ذكرت من قبل انه ليس لدى المصريون الحقيقيون "ناقة أو جمل" في الانتخابات الرئاسية التي تمت من عدة ايام قليلة .. قد كانت بين اثنين جذورهما بدوية عربية و من ابناء محافظة الشرقية و هما "الفريق شفيق" و لم يخفى الرجل ذلك و ذكر انه ينتمى الى "الأشراف" أي الى العرب المتواجدين بمصر و "الدكتور مرسى" من قرية "العدوة" و هي قرية ينتمى قاطنيها الى جذور بدوية عربية أي قد تم من مئات السنوات قتل و أبادة ما بها من مصريين حقيقين

لم أسمع احد منهما يتكلم عن مصر الأم أو مصر الوطن أو مصر الحضارة و التاريخ و لو كان الأثنان ليسا بـ بدويان عربيان و كانا فرنسيان أو انجليز أو المان لسمعنا القصائد منهم في مدح مصر .. مصر التاريخ و الحضارة قاموا باستحضار الماضي لأسقاطه على الحاضر لتقويته

الأثنان من الشرقية و غالبية ابناء تلك المحافظة اذا استثنينا الأقباط منها مشوك في انتماءهم و ولاءهم الى الأرض المصرية فقد خرج من هذه المحافظة بالذات غالبية المؤامرات على مدى تاريخ مصر و قد استوطنها اليهود لمدة (400) عام قبل خروجهم مع "النبي موسى" و دائما ما استوطن الغريب القادم عبر سيناء أو المحتل و أقام في تلك المحافظة .. لذا يسهل التعرف ظاهريا على ابناءها مقارنة بأبناء المحافظات الأخرى
..
اراد الرئيس السابق عبد الناصر "تذويب" القومية المصرية المتبقة و أقصد هنا القبطية في "القومية العربية" و اراد تعريب كل المصريون لكنه مات و لم يستطع و فشل المشروع القومي العربي في جميع الدول المسماة عربية

رفضت السعودية و (باقية أخواتها من الدويلات على الخليج الفارسي) المشروع القومي العربي .. بل و حاربته .. وكونوا فيما بينهم "الاتحاد الخليجي" و أصبح أتحادهم هذا له المعنى و المضمون أم "جامعة الدول العربية" فله الاسم الفارغ و لكنه بلا معنى و بلا مضمون
اول من رفض المشروع القومي العربي هم العرب الحقيقيون ابناء جزيرة العرب لأنهم الأصل و ليس الصورة فهم يريدون أن يكونون الأولياء و الباقية الموالي و هم لا يشاركون و يرفضون أي شيء بديل و نفس الشيء يحدث الآن لمشروع الوهابي المدعو إسلامي
..
ما يحدث في مصر اسميته صراع الغرباء و الخونة على حكم مصر ، مجلس لعسكر من الخونة باع مصر لزمرة من الخونة (الإخوان المسلمون) و جميعهم من غير المصريين الحقيقين و بلا انتماء و بلا ولاء لها .. فليس عند المسلمين في مصر عموما المقومات اللازمة لأى نهضة من انتماء أو ولاء أو الذكاء القومي .. الخراب قادم على مصر و على الجميع و لا اشك في ذلك .. هذه مسألة وقت و غير ذلك فهو من قبيل الاستهلاك و تخدير الشعوب
..
يرجع السبب الوحيد لأى نهضة قد مرت بها مصر على مدار تاريخ الاحتلال العربي لها الى تعاون الأقباط من أجل وطنهم و أرضهم و بودنهم ينهار كل شيء و هذه هي الحقيقة الثابتة التي سوف يكتشفها الباقون بأنفسهم في السنوات القادمة و لن ينفع وقتها أي استرجاع لماضي مرة ثانية

شارك الأقباط في بناء مؤسسة الأزهر ذاتها و قاما بعملية "انسانتها" و لكن بأسلوب غير مباشر.. أخذ الأزهر شكل هيكله الداخلي من الهرمية في الكنيسة القبطية .. الأمام الأكبر مقابل رئيس الآباء و الأساقفة البطريرك .. مجمع البحوث الإسلامية مقابل المجمع المقدس في الكنيسة و زي الشيوخ من عمامة و خلافه في مقابل الزي الكهنوتي في الكنيسة القبطية ... وهكذا

تقبل العالم الإسلامي الأزهر لفترة طويلة كمرجعية له و كمؤسسة تعليمية دعوية (تبشيرية) فقد كان ينشر "الإسلام المخفف" أو "الإسلام القبطي" حول دول العالم بواسطة شيوخه المصريين و الممزوجين بالثقافة و التسامح القبطي (المصري) على مدار الـ (150) الماضية على الأقل و معليا الإنسانية على الثقافة البدوية ، لذا كان الأزهر و الإسلام مقبولان في العالم حتى اختراق الوهابية لهما بواسطة الإخوان المسلمين فقد تم سحب الأغطية عنهما و بالتالي انتشرت المزابل في كل مكان و فاحت عفوتنها حتى أصبحت البشرية جمعاء تتذمر من هذه المزابل

مع تحياتي و محبتي